2 مشترك

أيام في سجن طرة

mohamed: المدير العام; عدد المساهمات : 2062
نقاط : 108855
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
العمل/الترفيه : تربية طيور زينه

مساهمة رقم 1

أيام في سجن طرة

من طرف mohamed 4/11/2010, 11:58 pm

محمود بكري
- زوار الفجر تصورتهم 'خاطفين' .. وحكم النقض 'السري' تم تنفيذه بإشارة تليفونية.
- توقعنا الحبس في أي وقت.. إلا بعد ثبوت صحة ما نشرناه ضد المرتشي.. ومع ذلك 'حدث'.
- لحظات إنسانية نادرة رافقت إجراءات حبسنا من قسم الحدائق إلي سجن المزرعة.
- د. محيي الغريب أول من وقعت عليه أعيننا داخل السجن.. وتوفيق عبده إسماعيل أكثر نشاطا وهو يقترب من الثمانين.
- دموع رفعت بشير تساقطت علي مدخل السجن.. وخالد محمود 'إنسان بمعني الكلمة' خلف الأسوار.
- ما حدث معي.. ومع شقيقي مصطفي فجر الاثنين الثاني من يونيو بدا لي في لحظاته الأولي كأنه 'حلم' أو 'هاجس' لم أتبين ملامحه الحقيقية إلا بعد برهة من الوقت.
كنت غارقاً في النوم في هذا الوقت المبكر.. فقد كانت عقارب الساعة تشير إلي نحو الربعة والنصف فجرًا حين دق جرس الهاتف في منزلي.. رحت مسرًعا أرفع سماعة الهاتف لأفاجأ بصوت حرم شقيقي الأستاذ مصطفي تقول لي بصوت خافت 'في حد جالك'؟.. رحت أسألها عما تقصد بـ'حد جالك' قالت: 'البوليس' رددت عليها بسرعة: أي بوليس؟ ولماذا؟ قالت: ضباط مباحث تنفيذ الأحكام جاءوا للقبض علي مصطفي وهم موجودون الآن داخل الشقة، وسيأتون إليك ليأخذوك معهم.
بدا الأمر بالنسبة لي غريبًا ومفاجئاً.. ورحت أسأل حرم شقيقي.. أحكام إيه اللي جايين ينفذوها علينا الآن؟
قالت: حكم السنة حبس الصادر ضدكما في قضية محمد عبدالعال.
زادت دهشتي ورحت أقول: ولكن حكم السنة موقوف بقرار من النائب العام منذ صدوره في أكتوبر 1998.
قالت لي: الضباط بيقولوا إن محكمة النقض نظرت القضية بالأمس 1/6 وقررت تأييد الحكم.
أصابني الذهول، ورحت أتساءل عن كيفية نظر قضية معروضة منذ خمس سنوات أمام محكمة النقض دون أن نعلم، أو يتم إخطارنا، أو يعلم محامونا أي شيء.
لم أصدق الأمر.. ورحت بعد أن أغلقت سماعة الهاتف أطلب شقيقي مصطفي علي الهاتف لأحادثه هو هذه المرة.. فقد تصورت أن الأمر خدعة، لأنه من غير المعقول - حسب ما أري - أن تنعقد محكمة النقض وتؤيد الحكم دون أن نأخذ فرصتنا حتي في الاستعداد لتنفيذ الحكم، ثم إنني توقعت أن يكون هؤلاء القابعون في شقة شقيقي من المنتحلين لصفة الضباط، وقد يكونون من العصابات التي تستأجرها بعض جماعات الفساد - ممن نلاحقهم - للانتقام من ملاحقاتنا لهم علي صحفات 'الأسبوع'.. فلم أكن أتوقع، ونحن في القرن الحادي والعشرين، وفي العام 2003 منه أن يأتي ضباط مصريون علي هيئة 'زوار فجر' يقتحمون مسكن رئيس تحرير، ونائب رئيس تحرير عند هذا الوقت المبكر جدًا، ليروعوا الأطفال، ويثيروا الذعر في المكان.. وقلت في نفسي: 'لو أنهم ضباط حقيقيون لرفعوا سماعة الهاتف، أو ارسلوا إلينا قصاصة ورق، ولذهبنا إليهم بأنفسنا إلي إدارة تنفيذ الأحكام.. فلسنا نحن من نخاف من تنفيذ حكم - أيًا كان - ولسنا نحن ممن يفكر في الهرب حتي يتعاملوا معنا بهذا الشكل.. فلقد قررنا منذ زمن بعيد أن نحمل رسالتنا في قلوبنا، وأن نتمسك بأرض الوطن حتي آخر لحظة في حياتنا'.
كانت هذه الهواجس التي انتابتني حافزًا لأن أطلب من شقيقي مصطفي أن يتأكد من شخصية هؤلاء الضباط.. وكانت المفاجأة أنه أكد لي أنهم ضباط مباحث تنفيذ الأحكام، وراح يحثني علي سرعة الاستعداد، لأنه علي وشك النزول مع الضباط، وأنهم سيتجهون إلي منزلي لاصطحابي.
توقعت أن يصلوا إليّ في غضون عشر دقائق لا أكثر.. فالمسافة من مسكن مصطفي حتي مسكني لا تستغرق أكثر من هذا الوقت.. علي الفور رحت استعد للمغادرة، فيما انخرطت زوجتي في إعداد حقيبة صغيرة بها بعض اللوازم الضرورية لمثل هذه الرحلة التي تمتد لنحو العام.