ماذا لو كان اسمها "كاميليا شحاتة محمد"، وتحولت من الإسلام
للمسيحية؟
1- الكنيسة التي تقوم الآن "بغسل مخ كاميليا المغسول"، وتحتجزها
"في الحفظ والصون" وقطيعة ماحدش بياكلها بالساهل، أما لو كانت كاميليا مسلمة متحولة
للمسيحية، لطالبت بتحكيم العقل، ولاستشهدت بآيات القرآن: "لا إكراه في الدين"،
ولوكلت محاميا للدفاع عن كاميليا، ولأبدت امتعاضها من المادة الثانية من الدستور
التي تحرم المواطن من الاختيار، وذلك لأن المسيحية حلوة والإسلام وحش. لكن الكنيسة
معذورة، فعدد المسيحيين المصريين يتناقص، وإسلام زوجة كاهن قد يهدد الاستقرار،
ومسيحيو مصر محاطون بجو طائفي عدائي، الأمر الذي يدفع الكنيسة لممارسة القهر علي
رعاياها. غلابة.
2- قناة الناس، وقناة الرحمة، والمغفرة، والعفو، والإحسان، يبثون
الآن خطابا طائفيا، عن المسيحيين اللي بلعوا البلد، وعن الإسلام الذليل في أرضه،
ويستنكرون المصادرة علي حرية الاعتقاد، ويدعون المسلمين للصلاة والدعاء لأختنا في
الله كاميليا شحاتة. لو كانت كاميليا مسلمة متحولة للمسيحية، ومورس عليها كل هذا
الظلم - وهي مظلومة بحق - لأشادت هذه القنوات، وشيوخها، بأُسد الإسلام الذين يذودون
عن بيضته، ويحمونه من المؤامرات الخارجية، ولاتهمت المسلمة المتحولة للمسيحية
بالعمالة للغرب، وبأنها جزء من المؤامرة الحاقدة علي الإسلام والمسلمين، وربما
لأهاب أحد الشيوخ بوالدها لقطع رقبتها وغسل عارها. ذلك لأن الإسلام حلو والمسيحية
وحشة. لكن المسلمين معذورون، فهم محاصرون باضطهاد واستهداف عالمي، يسيطر عليهم
الخوف، وهم ضحايا للقتل والحصار والتفتيش المهين في المطارات وخطاب الكراهية، ثم
إنهم مهزومون، وقصة كاميليا تشعرهم بقليل من الانتصار وإن كان زائفا.
غلابة.
3- "المستنيرون" ودعاة المواطنة والحقوق المدنية يقومون الآن بدور
عبده العبيط في قصة كاميليا. لو فعل بمسلمة متحولة للمسيحية، أو البهائية، أو بكاتب
لمقال إلحادي، ما فعل بكاميليا لثارت ثورتهم، ولقدموا البلاغ تلو البلاغ للنائب
العام، ولوقفوا علي سلم نقابة الصحفيين محتجين. لكنهم معذورون، فالممول لن يسعد
كثيرا بتبني الحقوقيين قضية مسيحية تحولت للإسلام، والممول حلو، وبقية العالم وحش،
ثم إنهم يريحون ضمائرهم ويقومون بأدوار أخري مهمة، ما حبكتش هذه القضية التي ستطيح
بالتمويل. وبدلاً من معايرتهم بالتمويل، افتح لهم سبيل التبرعات أو تصدي وحدك لنظام
قمعي أو اصمت واتلهي علي عينك. غلابة.
4- وحده النظام المصري الذي يقهر الجميع بالتساوي... مش غلابة،
وإنما: غباوة.
آدي احنا عذرنا كل الأطراف حتي لا نتجني علي أحد. لكن تظل كاميليا
إنساناً مكروباً، يخضع للتعذيب وعقاقير الهلوسة و"غسيل المخ" باعتراف من أسروها تحت
سمع وبصر جماهير من مزدوجي المعايير، سواء من دشنوا حملة الدعاء للأخت في الله أو
من عذبوها أو من طنشوها، الكل متورط. كاميليا وحيدة بين مطرقة القهر وسندان
الاتجار.
انقلاب الظلم علي الظالم ليس مفهوماً دينياً فحسب، هناك شيء اسمه
الكارما، هناك نظرية في الفيزياء الكمية تثبت أن ما تفعله أو تقوله، يصدر عنه
ذبذبات تخرج لمحيطك ثم ترتد هذه الذبذبات التي أطلقتها بصنيعك لتعود إليك، فإن زرعت
ظلماً حصدته وإن زرعت عدلاً جنيته، فاعملوا ما شئتم يا بني وطني.. فكما تقهرون
الناس ستُقهرون.