حكم الاختلاط
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا
ومن سيئـات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد
أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ندّ له، هو
الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.
وأشهد
أنَّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله
وصفيّه وحبيبه من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا بلّغ
الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من
أنبيائه.
الصلاة والسلام عليك يا قمر الأقمار ويا بدر الدجى ويا حبّ روحي وفؤادي ويا قرة عيني يا محمّد.
أما
بعد عباد الله، فإني أحبّكم في الله وأوصيكم ونفسي بتقوى الله الذي خلقنا
وشقّ لنا أبصارنا، اتّقوا الله الذي رحمنا ببعثه أفضل الأنبياء والرسل
سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام، اتقوا الله القائل في محكم كتابه: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ﴾ سورة الحشر 18
وأوصيكم بالتمسك بهدي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم القائل في حديثه الشريف: "لا يؤمن أحدُكم حتى يكونَ هواه تَبَعًا لِما جئتُ به".
التمسك
بالدين الحنيف أيها الإخوة بالاتباع وليس بالابتداع، فاعلموا رحمكم الله
بتوفيقه أنه لا ينبغي الغلوّ في الدين بل يجب الاعتدال فلا يجوز تحليل ما
حرّم الله ولا تحريم ما أحلّ الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لابن عباس حين التقط له ابن عباس الحصى في الحج بمزدلفة: "بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلوّ في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدين".
فإنّ
بعض الناس غَلَوْا بمسئلة اجتماع الرجل بالنساء في هذا الزمن في بعض
البلاد فحرّموا ما لم يحرّم الله وهو مجرّد اجتماع الرجال بالنساء من غير
خلوة ومن غير تلاصق ومن غير كون النساء كاشفات الرؤوس، وليس لهم دليل في
ذلك إلا اتباع الهوى.
فاختلاط الرجال بالنساء هو على وجهين، وجه جائز ووجه محرّم، والوجه الجائز هو
الاختلاط بدون تلاصق بالأجسام ولا خلوة محرّمة، فلقد روى الإمام المجتهد
ابن المنذر في كتابه الأوسط عن أنس قال : "قدمنا مع أبي موسى الأشعري فصلى
بنا العصر في المربد (وهو مكان بعيد عن المدينة المنوّرة بِميلين اسمه
مِربد النعم) ثم جلسنا إلى المسجد الجامع فإذا المغيرة بن شعبة يصلي بالناس
والرجال والنساء مختلطون فصلينا معه".
فالنساء كنّ يصلين خلف
الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بين صفوف الرجال وصفوف
النساء ستارة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تَمنعوا إماء الله مساجد الله". ونقل الإمام النووي الإجماع في شرحه على كتاب المهذب على أنها أي المرأة لو حضرت وصلت الجمعة جاز.
وقد
ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كنّ يصلين خلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال وهذا دليل على أنّ اختلاط النساء
بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام.
ثمّ أليس يجتمع النساء والرجال معًا في مكّة المكرّمة عند الطواف بالكعبة في موسم الحجّ وغيره؟ فإن قيل: هذا في الحجاز هذا عند الطواف بالكعبة، يقال له: من قال ان للنساء شريعتين شريعة في الحجاز وشريعة خارج الحجاز؟!
وجاء
في كتاب الموطأ للإمام مالك أنه سئل مالك هل يجوز أن يأكل الرجل وزوجته مع
رجل ءاخر؟ فقال مالك: "لا بأس بذلك إذا كان ذلك على ما يُعرف من أمر
الناس".
فإذا كان جلوسها مع زوجها ورجل أجنبي أي من غير محارمها
للطعام جائزًا فكيف بجلوسها في مجلس تتعلم فيه أمور دينها تتلقى فيه من
رجل؟ وقد ثبت في صحيح البخاري أن الرجال يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها
عن الأحكام والأحاديث مشافهة. فليتق الله من يحرم تدريس الرجل للنساء علم
الدين بغير دليل شرعي وليعلم أن كلامه الذي يقوله يكتب عليه. يقول الله
تعالى: ﴿وَلاَ
تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا
حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾ النحل/116.
وأما الوجه المحرّم
ما يكون فيه تلاصق وتضامّ كما بيّن ذلك الشيخ ابن حجر في فتاويه الكبرى
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم خلوة رجل أجنبي بامرأة واحدة وسَمَح في
اجتماع رجلين أو أكثر بامرأة. قال عليه الصلاة والسلام: "لا يخلُونّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". ففي هذا الحديث دليل في قوله عليه الصلاة والسلام "بامرأة" أنه إذا كانت النساء أكثر من واحدة ليس بحرام.
فبعد
هذا البيان للحكم الشرعي لا يجوز مخالفته من أجل العادة التي ألِف الشخص
في بلده، ومن أقبح القبيح أن يترك الشخص أحاديث رسول الله الصحيحة ويتعلق
بعادة بلده المخالفة للشريعة وهذا خلاف سيرة الأئمة المجتهدين الشافعي
ومالك وغيرهما. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "إذا صحّ الحديث فهو
مذهبي".
والله نسأل حسن الاقتداء بحبيبه محمد وبالصحابة الكرام وبالأئمة الأعلام إنه على كل شىء قدير.هذا وأستغفر الله لي ولكم
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا
ومن سيئـات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد
أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ندّ له، هو
الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.
وأشهد
أنَّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله
وصفيّه وحبيبه من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا بلّغ
الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من
أنبيائه.
الصلاة والسلام عليك يا قمر الأقمار ويا بدر الدجى ويا حبّ روحي وفؤادي ويا قرة عيني يا محمّد.
أما
بعد عباد الله، فإني أحبّكم في الله وأوصيكم ونفسي بتقوى الله الذي خلقنا
وشقّ لنا أبصارنا، اتّقوا الله الذي رحمنا ببعثه أفضل الأنبياء والرسل
سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام، اتقوا الله القائل في محكم كتابه: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ﴾ سورة الحشر 18
وأوصيكم بالتمسك بهدي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم القائل في حديثه الشريف: "لا يؤمن أحدُكم حتى يكونَ هواه تَبَعًا لِما جئتُ به".
التمسك
بالدين الحنيف أيها الإخوة بالاتباع وليس بالابتداع، فاعلموا رحمكم الله
بتوفيقه أنه لا ينبغي الغلوّ في الدين بل يجب الاعتدال فلا يجوز تحليل ما
حرّم الله ولا تحريم ما أحلّ الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لابن عباس حين التقط له ابن عباس الحصى في الحج بمزدلفة: "بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلوّ في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدين".
فإنّ
بعض الناس غَلَوْا بمسئلة اجتماع الرجل بالنساء في هذا الزمن في بعض
البلاد فحرّموا ما لم يحرّم الله وهو مجرّد اجتماع الرجال بالنساء من غير
خلوة ومن غير تلاصق ومن غير كون النساء كاشفات الرؤوس، وليس لهم دليل في
ذلك إلا اتباع الهوى.
فاختلاط الرجال بالنساء هو على وجهين، وجه جائز ووجه محرّم، والوجه الجائز هو
الاختلاط بدون تلاصق بالأجسام ولا خلوة محرّمة، فلقد روى الإمام المجتهد
ابن المنذر في كتابه الأوسط عن أنس قال : "قدمنا مع أبي موسى الأشعري فصلى
بنا العصر في المربد (وهو مكان بعيد عن المدينة المنوّرة بِميلين اسمه
مِربد النعم) ثم جلسنا إلى المسجد الجامع فإذا المغيرة بن شعبة يصلي بالناس
والرجال والنساء مختلطون فصلينا معه".
فالنساء كنّ يصلين خلف
الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بين صفوف الرجال وصفوف
النساء ستارة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تَمنعوا إماء الله مساجد الله". ونقل الإمام النووي الإجماع في شرحه على كتاب المهذب على أنها أي المرأة لو حضرت وصلت الجمعة جاز.
وقد
ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كنّ يصلين خلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال وهذا دليل على أنّ اختلاط النساء
بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام.
ثمّ أليس يجتمع النساء والرجال معًا في مكّة المكرّمة عند الطواف بالكعبة في موسم الحجّ وغيره؟ فإن قيل: هذا في الحجاز هذا عند الطواف بالكعبة، يقال له: من قال ان للنساء شريعتين شريعة في الحجاز وشريعة خارج الحجاز؟!
وجاء
في كتاب الموطأ للإمام مالك أنه سئل مالك هل يجوز أن يأكل الرجل وزوجته مع
رجل ءاخر؟ فقال مالك: "لا بأس بذلك إذا كان ذلك على ما يُعرف من أمر
الناس".
فإذا كان جلوسها مع زوجها ورجل أجنبي أي من غير محارمها
للطعام جائزًا فكيف بجلوسها في مجلس تتعلم فيه أمور دينها تتلقى فيه من
رجل؟ وقد ثبت في صحيح البخاري أن الرجال يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها
عن الأحكام والأحاديث مشافهة. فليتق الله من يحرم تدريس الرجل للنساء علم
الدين بغير دليل شرعي وليعلم أن كلامه الذي يقوله يكتب عليه. يقول الله
تعالى: ﴿وَلاَ
تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا
حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾ النحل/116.
وأما الوجه المحرّم
ما يكون فيه تلاصق وتضامّ كما بيّن ذلك الشيخ ابن حجر في فتاويه الكبرى
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم خلوة رجل أجنبي بامرأة واحدة وسَمَح في
اجتماع رجلين أو أكثر بامرأة. قال عليه الصلاة والسلام: "لا يخلُونّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". ففي هذا الحديث دليل في قوله عليه الصلاة والسلام "بامرأة" أنه إذا كانت النساء أكثر من واحدة ليس بحرام.
فبعد
هذا البيان للحكم الشرعي لا يجوز مخالفته من أجل العادة التي ألِف الشخص
في بلده، ومن أقبح القبيح أن يترك الشخص أحاديث رسول الله الصحيحة ويتعلق
بعادة بلده المخالفة للشريعة وهذا خلاف سيرة الأئمة المجتهدين الشافعي
ومالك وغيرهما. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "إذا صحّ الحديث فهو
مذهبي".
والله نسأل حسن الاقتداء بحبيبه محمد وبالصحابة الكرام وبالأئمة الأعلام إنه على كل شىء قدير.هذا وأستغفر الله لي ولكم