السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يكثر
الموت في شهر شعبان
هل ورد أثر أن شعبان يكثر فيه قبض الأرواح ؟
الحمد لله
الذي جاء في بعض
الآثار أن أسماء من كُتب عليهم الموت في العام كله توحى إلى ملك
الموت في شهر شعبان ، ويخبر بأسمائهم في صحائف من عند الله سبحانه وتعالى ، أو أن التقدير السنوي لآجال البشر يكتب في شعبان ، فالموت يقدر
في هذا الشهر بحسب ما ورد في هذه الآثار
.
لكنها آثار وأحاديث ضعيفة كلها ، فلا ينبغي الاعتماد
عليها ، ولا التعويل على ما جاء فيها .
قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله
:
"وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّلُ عليه ،
لا في فضلها ، ولا في نسخ الآجال فيها ، فلا تلتفتوا إليها" انتهى
.
"أحكام القرآن" (4/117) .
وقد سبق بيان ذلك ، ونقل كلام أهل العلم في هذا الشأن في
جواب السؤال رقم: (8907) ، (49675) ، (49678) .
وننقل هنا - لمزيد
فائدة – بعض ما ذكره السيوطي رحمه الله من الآثار المتعلقة بكتابة
الآجال في شعبان ، في كتابه "الدر المنثور" (7/401-402) ، ونعقب كل أثر بتعليق يسير .
قال رحمه الله :
" أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق
محمد بن سوقة عن عكرمة :
(فيها يفرق كل أمر
حكيم) قال : في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة ، وينسخ الأحياء
من الأموات ، ويكتب الحاج ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد
.
وهذا مخالف للصواب الموافق لتفسير جماهير السلف للآية ،
أن المراد بها ليلة القدر ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11722)
.
وأخرج ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال :
(تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح
ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى) .
ضعفه الشوكاني في "فتح القدير" (4/801) ، وقال
الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607) : منكر.
وأخرج ابن أبي
شيبة عن عطاء بن يسار قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان ، وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في
السنة .
وهذا مرسل ضعيف .
وأخرج أبو يعلى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ، فسألته ؟ قال : (إن
الله يكتب فيه كل نفس ميتة تلك السنة ، فأحب أن
يأتيني أجلي وأنا صائم) .
رواه أبو يعلى في "المسند" (8/311) وفي سنده
سويد بن سعيد الحدثاني ، ومسلم بن خالد الزنجي ، وطريف ، وكل منهم مضعف في كتب
التراجم .
وأخرج الدينوري في " المجالسة " عن راشد بن
سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض
كل نفس يريد قبضها في تلك السنة) .
"المجالسة وجواهر العلم" (ص/206) ، وهو مرسل ،
وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (رقم/4019) .
وأخرج ابن جرير
والبيهقي في " شعب الإيمان " عن الزهري ، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى)
.
قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/6607)
: منكر .
وأخرج ابن أبي
الدنيا عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة ، فيقال : اقبض من في هذه الصحيفة . فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى
.
وهو مجرد قول لعطاء ، ولم يَذْكر له إسناداً
.
وأخرج الخطيب وابن
النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ، ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان ، فقلت : يا رسول الله ! إن شعبان لَمِن أحب الشهور إليك أن تصومه ؟ فقال : " نعم يا عائشة ! إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب
أجلها في شعبان ، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل
صالح) .
ولفظ ابن النجار : (يا عائشة ! إنه يكتب فيه ملك الموت
من يقبض ، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم) .
رواه الخطيب في "تاريخ
بغداد" (4/436) وفي إسناده أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني
كما في "ميزان الاعتدال" (4/507) ، وفيه أحمد بن محمد بن حميد المخضوب ، أبو جعفر المقرئ ، قال فيه الدارقطني : ليس بالقوي . فالحديث ضعيف جدا .
والحاصل : أنه لم يصح في كثرة الموت في شعبان حديث صحيح
.
والله أعلم .
الإسلام
سؤال وجواب