المرأة السعودية قوية بإسلامها
هذا عمل صحفي يختلف عن المقالات والدراسات "المعلبة" التي تزخر بها الصحافة الغربية كل صباح، لا سيما مع تصاعد موجة التشنج والبغض، التي يتم شحن القارئ بها يومياً عبر الحديث المكرر عن "الخطر الإسلامي"، و"الزحف الأخضر"، الذي أصبح مصدراً للرزق الكثير من صهاينة الإعلام الغربي، وصبيانهم من المرتدين وجوقة الهجوم على المسلمين والعرب بأصوات شرق أوسطية وسحنات سمراء. مصدر اختلاف هذا "التحقيق" أنه يلامس -بأسلوب مغاير- قضية شائكة وتصوراً مسبقاً عن "المرأة المسلمة"، التي غدت لافتة عريضة يتم من خلالها الطعن في هذا الدين كمنهج، وفي شريعته كأسلوب للحياة.
حينما كتب (سكوت بيترسون) مراسل صحيفة (كريستيان ساينس موينتور) الأمريكية واسعة الانتشار- تحقيقه فاجأ القارئ المتخصص قبل القارئ العادي، صحيح أن "التحقيق" يحتوي على جرعات مسمومة هنا وهناك، إلا أن السياق العام له حاول أن يعكس واقع المرأة السعودية بعيون غربية، وفي ثنايا المقال نلمس لهجة الاستغراب التي غلق بها الكاتب مقاطع من المقال، وهو يتساءل كيف يعتز قطاع واسع من النساء السعوديات بحجابهن ولا يرين فيه أي تعارض مع دورهن في مجتمعهن، ويقول في هذا السياق: "لغز الحجاب الذي يثير حفيظة الغرب غير مطروح للتساؤل هنا في السعودية. الحجاب لم يقف حائلاً أمام تطور المرأة هنا فالسعوديات مؤهلات للتعامل مع أحدث برامج الحاسوب والإدارة ونظريات التعليم بل إن القطاع الواسع من النساء السعوديات المتعلمات يدافعن عن الحجاب كمنظومة تحكم علاقة المرأة بالرجل في إطار أوسع، وبالرغم من انفصال التعليم بين الطالبات والطلبة فإن نظام التعليم يخرج آلاف الطالبات الحاصلات على شهادات جامعية، بل إن بعض النساء هنا يدرن أعمالهن الخاصة بأنفسهن".
أميرات في بيوتنا :
وبالرغم من الخلفية (الليبرالية) التي يستند إليها الكاتب، لا سيما أن المرأة الغربية عموماً، والأمريكية خصوصاً، تمثل عنده "النموذج" الذي تُقاس إليه نساء العالم الأخريات، إلا أنه فوجئ بأن هذا النموذج "الليبرالي" أو التحرري لا يلقى شعبية بين النساء في السعودية، وتزداد دهشته حينما يعرب عن قناعته بأن الحجاب يلقى شعبية بين المتعلمات، كما هو الحال مع غير المتعلمات، وينقل عن إحدى السيدات من الطبقة الثرية قولها: "إن الحجاب نعمة عظيمة، والمرأة هنا تحظى بمعاملة ملكية لا تحظى بها امرأة أخرى، لا تقود السيارة، لكن هناك دائماً من يقوم بخدمتها، نحن "أميرات" في بيوتنا، وأزواجنا يبذلون جهداً رائعاً لإسعادنا".
وإذا كان هذا رأي قطاع عريض من النساء السعوديات، فإن الكاتب يضطر للبحث عن الحقيقة من أفواه الغربيات المقيمات لفترة طويلة في البلاد. تقول امرأة أمريكية أقامت لأكثر من عقدين في مدينة جدة "إن النظرة الغربية والتأطير السلبي الذي يحيط بحجاب المرأة المسلمة غير صحيح. أعتقد أن المرأة هنا تأخذ دورها الطبيعي بهدوء ودون ضجة، أو تغييرات حادة شبيهة بتلك التي تحدث في الدول الأوروبية وأمريكا".
لا ثم لا :
يطرح الكاتب موضوع تحرير المرأة، ويسبر غوره عبر معالجة تبدو حيادية، وتورد الإجابة على لسان نساء عديدات يؤكدن "أن الحرية الغربية لا تروق لنا، ولا تلقى قبولاً أو تعاطفاً". تقول إحدى السيدات: "للغرب أسلوب حياته، ولنا أسلوب حياتنا، ونمط سلوكنا الخاص بنا، إننا هنا نرى العالم عبر الأطباق اللاقطة "الدش" ونعرف الضوابط الموجودة لدينا، والحريات اللامحدودة لديكم، ونحن نعتقد أننا نعرف عنكم وعن الأخلاق المتفشية بينكم إلى الحد الذي يجعلني أقول: لو سألتني هل أريد هذه الحرية الغربية فإن إجابتي ستكون ثلاث كلمات:
لا ثم لا ثم لا. إن الدين هو الذي يحكم تصرف الإنسان، ومن كان مفلساً في دينه فقد الضابط الذي يحرك مساره".
يحاول الكاتب في مقاطع معينة أن يسلخ قضية الحجاب عن المنظور الأشمل لدور المرأة في المجتمع المسلم المحافظ، لذا فهو يبدي تعجبه من أن "هذه القطعة من القماش الأسود التي يغطي المرأة من رأسها إلى أخمص قديمها" تمنح المرأة حرية اختيار الزوج، كما يعجب من أن المرأة هنا تتمتع بهامش من حرية اتخاذ القرار والنقاش على نحو يتناقض مع مفهوم "الحريم"، الذي كرّسه الإعلام الاستشراقي والغربي عموماً. وهكذا يصاب الكاتب بالحيرة وهو يرى المرأة في السعودية صاحبة شأن في إدارة شؤون بيتها وأولادها، وأنها تحظى بالاحترام من قبل شريك حياتها.
وحين يرى الكاتب نماذج لنشاطات نسائية بمعزل عن الرجال، ينقل لنا أن النساء هنا يشعرن بأمان حقيقي في جو بعيد عن المضايقات أو الأخلاق السيئة، ويؤكد أن الحجاب والبعد عن الاختلاط كانا سببين لتميز الأداء الذي لا تخطئه عين.
عناية خاصة :
وينقلنا الكاتب بسرعة إلى الخلفية التاريخية التي احترمت المرأة المسلمة طوال القرون الماضية، ويدلل على ذلك بأن العمارة الإسلامية أحاطت المرأة بعناية خاصة من خلال "الرواشين" التي تسمح لها بمراقبة العالم الخارجي، دون أن تفقد خصوصيتها.
النساء هنا كما يقول سكوت يشعرن بأن النظام الأخلاقي الإسلامي يحفظ للأسرة كرامتها، ويمنعها من التعرض للمشاهد التي تخدش الحياء. تقول سيدة متعلمة: "هنا لا مناظر فاحشة، ولا اختلاط بين المرأة الأجنبية والرجل إلا في أضيق نطاق.. نحن سعيدات بهذا بلا شك".
الأسرة جمادى الأولى 1417هـ
هذا عمل صحفي يختلف عن المقالات والدراسات "المعلبة" التي تزخر بها الصحافة الغربية كل صباح، لا سيما مع تصاعد موجة التشنج والبغض، التي يتم شحن القارئ بها يومياً عبر الحديث المكرر عن "الخطر الإسلامي"، و"الزحف الأخضر"، الذي أصبح مصدراً للرزق الكثير من صهاينة الإعلام الغربي، وصبيانهم من المرتدين وجوقة الهجوم على المسلمين والعرب بأصوات شرق أوسطية وسحنات سمراء. مصدر اختلاف هذا "التحقيق" أنه يلامس -بأسلوب مغاير- قضية شائكة وتصوراً مسبقاً عن "المرأة المسلمة"، التي غدت لافتة عريضة يتم من خلالها الطعن في هذا الدين كمنهج، وفي شريعته كأسلوب للحياة.
حينما كتب (سكوت بيترسون) مراسل صحيفة (كريستيان ساينس موينتور) الأمريكية واسعة الانتشار- تحقيقه فاجأ القارئ المتخصص قبل القارئ العادي، صحيح أن "التحقيق" يحتوي على جرعات مسمومة هنا وهناك، إلا أن السياق العام له حاول أن يعكس واقع المرأة السعودية بعيون غربية، وفي ثنايا المقال نلمس لهجة الاستغراب التي غلق بها الكاتب مقاطع من المقال، وهو يتساءل كيف يعتز قطاع واسع من النساء السعوديات بحجابهن ولا يرين فيه أي تعارض مع دورهن في مجتمعهن، ويقول في هذا السياق: "لغز الحجاب الذي يثير حفيظة الغرب غير مطروح للتساؤل هنا في السعودية. الحجاب لم يقف حائلاً أمام تطور المرأة هنا فالسعوديات مؤهلات للتعامل مع أحدث برامج الحاسوب والإدارة ونظريات التعليم بل إن القطاع الواسع من النساء السعوديات المتعلمات يدافعن عن الحجاب كمنظومة تحكم علاقة المرأة بالرجل في إطار أوسع، وبالرغم من انفصال التعليم بين الطالبات والطلبة فإن نظام التعليم يخرج آلاف الطالبات الحاصلات على شهادات جامعية، بل إن بعض النساء هنا يدرن أعمالهن الخاصة بأنفسهن".
أميرات في بيوتنا :
وبالرغم من الخلفية (الليبرالية) التي يستند إليها الكاتب، لا سيما أن المرأة الغربية عموماً، والأمريكية خصوصاً، تمثل عنده "النموذج" الذي تُقاس إليه نساء العالم الأخريات، إلا أنه فوجئ بأن هذا النموذج "الليبرالي" أو التحرري لا يلقى شعبية بين النساء في السعودية، وتزداد دهشته حينما يعرب عن قناعته بأن الحجاب يلقى شعبية بين المتعلمات، كما هو الحال مع غير المتعلمات، وينقل عن إحدى السيدات من الطبقة الثرية قولها: "إن الحجاب نعمة عظيمة، والمرأة هنا تحظى بمعاملة ملكية لا تحظى بها امرأة أخرى، لا تقود السيارة، لكن هناك دائماً من يقوم بخدمتها، نحن "أميرات" في بيوتنا، وأزواجنا يبذلون جهداً رائعاً لإسعادنا".
وإذا كان هذا رأي قطاع عريض من النساء السعوديات، فإن الكاتب يضطر للبحث عن الحقيقة من أفواه الغربيات المقيمات لفترة طويلة في البلاد. تقول امرأة أمريكية أقامت لأكثر من عقدين في مدينة جدة "إن النظرة الغربية والتأطير السلبي الذي يحيط بحجاب المرأة المسلمة غير صحيح. أعتقد أن المرأة هنا تأخذ دورها الطبيعي بهدوء ودون ضجة، أو تغييرات حادة شبيهة بتلك التي تحدث في الدول الأوروبية وأمريكا".
لا ثم لا :
يطرح الكاتب موضوع تحرير المرأة، ويسبر غوره عبر معالجة تبدو حيادية، وتورد الإجابة على لسان نساء عديدات يؤكدن "أن الحرية الغربية لا تروق لنا، ولا تلقى قبولاً أو تعاطفاً". تقول إحدى السيدات: "للغرب أسلوب حياته، ولنا أسلوب حياتنا، ونمط سلوكنا الخاص بنا، إننا هنا نرى العالم عبر الأطباق اللاقطة "الدش" ونعرف الضوابط الموجودة لدينا، والحريات اللامحدودة لديكم، ونحن نعتقد أننا نعرف عنكم وعن الأخلاق المتفشية بينكم إلى الحد الذي يجعلني أقول: لو سألتني هل أريد هذه الحرية الغربية فإن إجابتي ستكون ثلاث كلمات:
لا ثم لا ثم لا. إن الدين هو الذي يحكم تصرف الإنسان، ومن كان مفلساً في دينه فقد الضابط الذي يحرك مساره".
يحاول الكاتب في مقاطع معينة أن يسلخ قضية الحجاب عن المنظور الأشمل لدور المرأة في المجتمع المسلم المحافظ، لذا فهو يبدي تعجبه من أن "هذه القطعة من القماش الأسود التي يغطي المرأة من رأسها إلى أخمص قديمها" تمنح المرأة حرية اختيار الزوج، كما يعجب من أن المرأة هنا تتمتع بهامش من حرية اتخاذ القرار والنقاش على نحو يتناقض مع مفهوم "الحريم"، الذي كرّسه الإعلام الاستشراقي والغربي عموماً. وهكذا يصاب الكاتب بالحيرة وهو يرى المرأة في السعودية صاحبة شأن في إدارة شؤون بيتها وأولادها، وأنها تحظى بالاحترام من قبل شريك حياتها.
وحين يرى الكاتب نماذج لنشاطات نسائية بمعزل عن الرجال، ينقل لنا أن النساء هنا يشعرن بأمان حقيقي في جو بعيد عن المضايقات أو الأخلاق السيئة، ويؤكد أن الحجاب والبعد عن الاختلاط كانا سببين لتميز الأداء الذي لا تخطئه عين.
عناية خاصة :
وينقلنا الكاتب بسرعة إلى الخلفية التاريخية التي احترمت المرأة المسلمة طوال القرون الماضية، ويدلل على ذلك بأن العمارة الإسلامية أحاطت المرأة بعناية خاصة من خلال "الرواشين" التي تسمح لها بمراقبة العالم الخارجي، دون أن تفقد خصوصيتها.
النساء هنا كما يقول سكوت يشعرن بأن النظام الأخلاقي الإسلامي يحفظ للأسرة كرامتها، ويمنعها من التعرض للمشاهد التي تخدش الحياء. تقول سيدة متعلمة: "هنا لا مناظر فاحشة، ولا اختلاط بين المرأة الأجنبية والرجل إلا في أضيق نطاق.. نحن سعيدات بهذا بلا شك".
الأسرة جمادى الأولى 1417هـ